
(١)
استلهم المؤلف أحداث هذه المسرحية من الحكايات الشعبية، وبخاصة من تلك الحكايات التي نرى فيها الأميرة بنت الملك – أو السلطان – تختار زوجها بنفسها، وتشترط شروطا معينة للزواج منه، كما نرى أصداء لهذه الثيمة في مسرحية تاجر البندقية لوليم شكسبير، ومسرحية شمس النهار لتوفيق الحكيم.
وفي مسرحية شهاب الدين والأميرة نسرين تطلب الأميرة نسرين إلى والدها ملك البلاد أن يسمح لها بأن تتزوج من تختاره من أبناء شعبها البسطاء، وذلك بعد أن تزوجت في السابق من أميرين، وفشلت في زواجها منهما، ويوافقها الملك على ذلك وهو يشعر ببعض الضيق؛ لأنه عازل نفسه عن أبناء شعبه البسطاء، وكان ينظر إليهم نظرة استعلائية، كما أنه لم يسمح لهم بأن يكون جيش بلاده منهم، بل إنه استأجر جنودا لجيشه من بلاد أخرى.
ومن الغريب أنه بعد إعلان منادي الملك رمان عن السماح لشباب هذا البلد بالتقدم للزواج من الأميرة نسرين ليتم اختيار واحد منهم زوجا لها – أنه لم يتقدم منهم أحد؛ لأنهم كانوا يظنونها أميرة متكبرة كأبيها الملك.
وعندما مر أسبوع ولم يتقدم أي شخص للزواج من الأميرة نسرين من أبناء هذا البلد أمر الملك مناديه أن ينادي في الناس أنه لن يسمح بزواج أي فتاة في ذلك البلد حتى تتزوج الأميرة نسرين، وعند ذلك تقدم لهذه الأميرة بعض الراغبين في الزواج منها، ومنهم جامع القمامة، والسقاء، والمنادي رمان، وكل واحد منهم صرح للملك أنه لم يتقدم للأميرة نسرين إلا رغبة في ترك عمله الذي يقوم به، وأن يكون زوج الأميرة، وترفض الأميرة كل هؤلاء الذين تقدموا لها، ولكنها تعجب بالشاب شهاب الدين الذي صرح لها ولوالدها الملك أنه لم يتقدم لها إعجابا بها ولا لنيل الحظوة من والدها الملك، ولكنه تقدم للزواج منها حتى يسمح لأخته ولغيرها من بنات هذه المملكة بالزواج.
وتعجب الأميرة نسرين بصراحة شهاب الدين الفلاح البسيط، ويعجب بها هو أيضا حين يرى جمالها، ويسمع كلامها عن أهمية الحب بين الناس.
وعندما يرى الملك رغبة نسرين في الزواج من شهاب الدين ورغبة شهاب الدين في الزواج منها يبدي معارضة شديدة؛ لأنه لا يرى شهاب الدين الفلاح البسيط كفئا لابنته.
وخلال ذلك الموقف في قصر الملك يدخل قائد الجيش على الملك، ويخبره أن الأعداء هزموا جيشه، وأوشكوا على دخول هذه المملكة، فيبدي شهاب الدين رغبة قوية في مواجهة هؤلاء الأعداء مع أبناء الشعب البسطاء، ويوافق السلطان على أن تبقى ابنته نسرين في بيت أسرة شهاب الدين خلال تلك المعركة؛ حتى تحميها تلك الأسرته من هؤلاء الأعداء المعتدين.
وتنتهي المعركة بانتصار الجيش المكون من أبناء الشعب على أولئك الأعداء، وعند ذلك تتغير شخصية الملك، فيقرب أبناء الشعب منه، ولا يتكبر عليهم، كما أنه يوافق على زواج ابنته نسرين من شهاب الدين، وتنتهي المسرحية بموقف فكاهي، فإذا بهذا الملك يقوم بدور مناديه – الذي مات في تلك المعركة في مواجهة الأعداء – وينادي بين الجمهور المتلقي لهذه المسرحية للبحث عن عروسة مناسبة له.
(٢)
ونرى في هذه المسرحية تداخلا كبيرا بين بعض شخصيات هذه المسرحية وبين الجمهور المتلقي لها، ولا شك أن هذا التداخل يعمل على وجود فرجة في المسرحية – وبخاصة عند عرضها على خشبة المسرح – كما أنه يقوي التفاعل بين الممثلين والجمهور من المشاهدين لهذه المسرحية.
ولكن ما آخذه على هذا التداخل بين بعض شخصيات هذه المسرحية والمتلقين لها أنه كان يتم من خلاله – في بعض الأحيان – بعض الوعظ المباشر، كوعظ عثمان والد شهاب الدين للأطفال في صالة المسرح بحسن رعاية الوالدين وعدم الإساءة إليهما، وكذلك رأينا هذا التداخل في مواقف أخرى في هذه المسرحية قد بطأ في إيقاع هذه المسرحية؛ لأن ما تم فيها كان بعيدا عن أحداث هذه المسرحية، كالموقف الذي تسأل فيه الأميرة نسرين أحد الجمهور عن أهم شيء يهتم به في حياته، فأجابها بأن الحب أهم شيء في حياته.
وكذلك رأينا أن كسر الإيهام في نهاية هذه المسرحية بقيام الملك بدور المنادي الذي يبحث في الجمهور عن عروسة مناسبة له – كان موقفا غريبا لا يتناسب مع شخصية هذا الملك مهما يكن التطور الذي حدث له فيها.
(٣)
ويعد الوعظ المباشر من المآخذ الواضحة على هذه المسرحية، ومن ضمن النصائح التي جاءت خلال ذلك الوعظ المباشر فيها: الحرص على طاعة الوالدين وعدم الإساءة إليهما، والحث على عدم السخرية من الآخرين، وأن قيمة الحب من أهم ما يجب أن يحرص عليه الإنسان في حياته.
وأيضا من النصائح التي نراها في هذه المسرحية التحذير من التعالي على الناس، والنظر إليهم بازدراء، وكذلك من القيم التي تدعو إليها هذه المسرحية أهمية الدفاع عن الوطن والتضحية في سبيله.
(٤)
وهناك أمر آخر يتعلق بهذه المسرحية، وأرى أهمية مناقشته، وهو أنني لم أر أي داع لجعل بعض نصائح بعض الشخصيات في هذه المسرحية للأطفال المتلقين لها تكون باللهجة العامية؛ لأن هذه المسرحية مكتوبة باللغة العربية الفصحى، ولا يصعب على اللغة العربية الفصحة المبطسة – والتي كتب بها حوار هذه المسرحية – أن يعبر عن هذه النصائح، وتصل لأسماع الأطفال المتلقين لها في يسر وسهولة.