مسرحية هجرة شجرة للكاتب أحــــــمد زحــــــــــام

سبتمبر 21, 2025

بقلم/ د. علي خليفة

تناول الكاتب أحمد زحام في سرحية “هجرة شجرة” الصادرة عن المركز القومي لثقافة الطفل، ضمن سلسلة مسرح الطفل، قضية مهمة؛ هي قضية التجاوزات التي تحدث للمساحات الخضراء على الأرض، بقطع الأشجار، واستخدامها في أمور مختلفة، وتبوير بعض الأراضي الزراعية؛ حتى تُبنى عليها العمارات والبيوت؛ ويوضح المؤلف خطورة كل ذلك بأنه يؤدي لزيادة مساحة التصحر على الأرض، وقلة الغابات والأشجار فيها؛ ويؤثر ذلك تأثيرًا سلبيًا على حياة الكائنات الحية على الأرض، فالقضاء على مساحات خضراء كثيرة على الأرض يؤدي لقلة نسبة الأكسجين التي يحتاجها الإنسان والحيوان، كما أن هذا الاختفاء لتلك المساحات الخضراء الكثيرة على الأرض يؤدي لزيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الأرض، ويكون لذلك أثر كبير في ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي؛ مما يعرض الأرض بالكائنات التي فيها للغرق.

ويقدم لنا المؤلف معلومات كثيرة بخصوص هذه القضية في هذه المسرحية على لسان تلميذ نابغ يحسن استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة، كالهاتف المحمول والحاسب الآلي، ولا يتدخل هذا التلميذ في أحداث هذه المسرحية المتشعبة في أحداثها وكثرة شخصياتها رغم قصرها، ولكنه يكتفي بالتعليق على ما يجري فيها؛ مما يجعل دوره أقرب للراوي الذي يعقب على الأحداث، ولا يكون مشاركًا فيها.

ويبدو تدخل هذا التلميذ كثيرًا في هذه المسرحية؛ مما يجعل هذه المسرحية أقرب للدراما التسجيلية التي تهتم بعرض بعض المعلومات بأسلوب مباشر من أجل أن يستوعبها المتلقي، ويكون له موقف قوي منها برفض هذا الاعتداء الصارخ على المساحات الخضراء على الأرض مهما يكن المبرر لفعل ذلك.

وقد ذكرت أن هذه المسرحية يقوم بناؤُها على عرض كثير من الأحداث المتداخلة، وكلها عن أثر عبث الإنسان بالمساحات الخضراء على الأرض؛ مما يؤذن بقرب حدوث ما يمكن تسميته بالطوفان الثاني – بعد طوفان نوح عليه السلام – فالأرض توشك على الغرق، والبشر والحيوانات وما بقي من الشجر يبحث عن سفينة كسفينة نوح؛ ليحتموا بها من ذلك الطوفان.

ولا ينشغل الأشخاص والحيوانات في هذه المسرحية بالأسباب التي أدت لتوقع حدوث هذا الطوفان، ولكن كل الذي يشغلهم هو الهجرة من الأراضي المنبسطة على الأرض عبر سفينة كسفينة نوح؛ للوصول لأماكن مأمونة لا ينالها هذا الطوفان، في حين كان التلميذ يعلق على هذه الأحداث بشكل إخباري عارضا الأسباب التي أدت لهذا الوضع المأساوي على الأرض.

وفي نهاية المسرحية ينبه التلميذ كل الشخصيات والحيوانات المشاركة في أحداثها إلى أن الأشجار هي رئة كوكب الأرض، ولن تعود الأرض لطبيعتها التي خلقها الله عليها إلا بإعادة نشر المساحات الخضراء فيها والحفاظ على ما بقي منها، وهنا يدرك كل الأشخاص المشاركون في هذه المسرحية أهمية أن يتركوا فكرة البحث عن سفينة النجاة، وأن يسارعوا في إعادة زرع الأشجار بكميات كبيرة على الأرض؛ حتى يعود لها التوازن الذي كان بها من قبل في توفر قدر كبير من الأكسجين بها يجعل حياة الكائنات الحية فيها أمرًا ميسورًا؛ ولهذا يسارع كل الأشخاص والحيوانات في نهاية هذه المسرحية بالاستجابة لهذه الدعوة في إعادة زرع أشجار كثيرة على الأرض.

وبعد هذا العرض فإنني أرى أن عنوان هذه المسرحية – وهو هجرة شجرة – لم يكن مناسبًا لها، وكان الأنسب لها أن يكون عنوانها السفينة أو اختفاء الشجر، وذلك على الرغم من أننا نجد ضمن شخصيات هذه المسرحية شجرة وحيدة هي التي بقيت على الأرض، وترغب هي أيضًا في الهجرة عبر السفينة لمكانٍ آخر تكون آمنة فيه.

 

ولا أرى لوجود الأشخاص من ذوي الهمم أهمية واضحة في وجودهم بكثرة في هذه المسرحية؛ لأن المسرحية لا تعرض قضية خاصة بهم، وكان من الأفضل الاكتفاء بوجود واحد منهم فيها ممثلًا لهم على أنهم من ساكني الأرض الذين يعانون مع غيرهم من التغول على المساحات الخضراء على الأرض، وطغيان التصحر عليها بفعل الإنسان.