بقلم: آلاء عبد الحميد محمد الأطرش
باحثة دكتوراه فى أدب الطفل
أدب الأطفال: نوع من الفن الأدبي يشمل أساليب مختلفة من النثر والشعر المؤلفة بشكل خاص للأطفال دون عمر المراهقة.
ولأدب الأطفال أهمية كبيرة في العصر الحالي ، فقد بدأ الأدب يظهر بصورة مبلورة محددة في القرن السابع عشر في أوروبا وبالخصوص في إيطاليا وفرنسا وإنجلترا وألمانيا وغيرها من الدول الأوربية وكذلك روسيا وأمريكا.
وتعد قضية الاهتمام بالطفولة من أبرز القضايا الحضارية والتي أصبحت في كثير من بلدان العالم هدفاً استراتيجياً ، لذا حظي أدب الأطفال باهتمامٍ وافرٍ ووجد الخبراء فيه غذاءً الروح والجسد معاً فتعالت الأصوات مطالبة بإنتاج أدب خاص بالأطفال ، فأدب الأطفال يسعى إلى تحقيق أهداف كثيرة منها :
- إثراء لغة الطفل بكلمات وألفاظ جديدة .
- يبني الطفل بناءً سليماً عن طريق تنمية شخصيته جسمياً وعقلياً ونفسياً ولغوياً .
- ينمي الشجاعة والجرأة في نفوس الأطفال .
- ينمي لدى الطفل الحس الفني والجمالي .
- يعتاد الطفل عادات طيبة وينفر من العادات السيئة .
وبالنظر إلى المجموعة القصصية أحيي الكاتبة على هذا المجهود الرائع ، ونجد أن الكاتبة أرادت الكتابة للطفل في السن من 7 : 12 سنه كما هو مدون على غلاف المجموعة إذ كتبت أنها مجموعة قصصية للأطفال من ( 7 : 12) لكنني أرى أن المجموعة القصصية أقرب إلى سن الطفولة المبكرة من سن 2 : 6 سنوات ، وذلك لأن علماء النفس اتفقوا على تقسيم المراحل العمرية للطفل .
- الطفولة المبكرة من 2 : 6 سنوات .
- الطفولة المتوسطة من 6 : 9 سنوات .
- الطفولة المتأخرة من 9 : 12 سنه .
ولكل مرحلة عمرية سمات وخصائص تميزها عن المرحلة الأخرى ، فنجد الكاتبة اختارت المرحلة المتوسطة والمتأخرة للكتابة أي من سن 7 : 12 عام ، ومن سمات النمو اللغوي هذه المرحلة :
- تزداد المفردات ويزداد معها التماثل والتشابه والاختلاف.
- تتقن الخبرات والمهارات اللغوية .
- يدرك المعاني المجردة.
- لديه القدرة على التعبير والجدل المنطقي .
- يستطيع فهم وتذوق النوع الأدبي المقدم له .
وكذلك يتسم بعدة سمات عقلية منها :
- تنمو مهارة القراءة ويميل الطفل للبحث عن الحقيقة وحب الاستطلاع .
- يستمر نمو الطفل وفق المفاهيم المجردة واستعماله للمفاهيم الكلية .
- يزداد مدى الانتباه وحدته وقدرته على التركيز .
أما مراحل النمو العقلي أو المعرفي في مرحلة الطفولة المبكرة من 4 : 6 سنوات :
- فيبدأ لدى الطفل بالوعي التدريجي بثبات الخصائص والاختفاظ بها .
- يتصف الطفل بضعف الانتباه وكثرة التساؤلات .
- لديه فضول يدفعه للتجريب والاكتشاف مما يساعد في بناء مهاراته العقلية وخبراته المعرفية .
- يزداد النمو اللغوي ويستخدم الرموز اللغوية .
- سيادة التمركز حول الذات .
- البدء بتكوين المفاهيم وتصنيف الأشياء .
- الفشل في التفكير في أكثر من بعد .
- تقديم الادراك البصري على التفكير المنطقي .
وتقسم الطفولة إلى مراحل تتلائم مع ما يقدم لها من ادب .
- فمرحلة الطفولة المبكرة هي مرحلة الواقعية والخيال المحدود .
- ومرحلة الطفولة المتوسطة هي مرحلة الخيال المنطلق .
- ومرحلة الطفولة المتأخرة هي المرحلة البطولة .
وبالنظر في أيضاً في شروط القصة المقدمة للطفل من حيث الحجم والشكل ، فالقصة القصيرة ذات عقدة واحدة لأحداث متعددة وشخصيات قليلة لا تتجاوز خمس شخصيات ، كما أن كلمات القصة القصيرة الموجهة للطفل تكون بين 1000 و 2000 كلمة وتحتاج القراءة إلى 8 دقائق فما فوق .
وعرض القصة على لسان الطير والحيوان واستخدام عنصر الأنسنة بهدف نقل معنى أخلاقي أو تعليمي أو سلوكي وكذلك اعتماد القصة على حدث واحد ومطابقتها بالمجموعة القصصية كل هذا جعل المجموعة القصصية مناسبة من وجهة نظري وطبقاً لما ذكرته سابقاً مناسبة لمرحلة الطفولة المبكرة من 4 :6 سنوات.
أما اذا دخلنا إلى عالم المجموعة القصصية التي بين يدينا
من حيث الموضوع والفكرة :
- فكانت الأفكار المقدمة في الموضوعات المختلفة واضحة ومحددة وتهدف إلى ترسيخ قيم وسلوكيات ومبادئ في نفس الطفل منها ( حب الآخر – العطف على المساكين – وشكر الله على نعمه ) كما في قصة ” بسام ومنزل الأحلام “.
- وكذلك تناول فكرة تقبل الآخر والبعد عن التنمر وهي قضية هامة جداً كما في قصة ” الفيل فلفول والأذن الكبيرة ” ، “قصة زوبا” ( كانت السيارات تسخر من زوبا لأنها السيارة الوحيدة بينهن التي تسير ببطئ شديد ويصدر محركها صوتاً مرتفعاً أثناء سيرها فجميع السيارات كانت جديدة وسريعة على عكس زوبا ، وذات ليلة كانت جميع السيارات نائمة حين اقتحم الجراج لصان أرادا سرقة السيارات الحديثة ، شعرت جميع السيارات بالخوف ،ولم تصدر أي منهم أي صوت أو حركة ، لكن السيارة زوبا الشجاعة لم تستطع أن ترى صديقاتها السيارات يتعرضن للسرقة دون أن تفعل شيئاً. أصدرت زوبا صوتاً عالياً من محرها القديم وأنارت مصابيحها ، فشعر اللصان بالخوف وظنا أن شخصاً داخل الجراج . وصل صوت محرك سيارو زوبا إلى ملاك السيارات وحارس الجراج وأيقظهم من النوم ، وخرج الحارس من غرفته فرأى اللصين . عرف مالك السيارة زوبا صوت محركها الصاخب ، فظن أنها تتعرض للسرقة ، وأسرع بالخروج من المنزل والتوجه إلى الجراج . أسرع اللصان بالركض نحو مخرج الجراج والحارس يركض ورائهم ولكن عندما وصلا إلى الباب كان مالك زوبا واقفاً أمامهم ، أصبح اللصان محاصرين من الجيران الذين اتصلوا بشرطة النجدة لتلقي القبض عليهما . شعرت جميع السيارات بالفرح ، وشكرت السيارات زوبا على إنقاذها لهن ، واعتذرن لها عن سخريتهم منها في الماضي .
- وكذلك تقبل الذات وأيضاً الاختلاف عن الآخر كما في قصة الغراب يرد الجميل ( ذات يوم وقف الغراب الصغير يتأمل الطيور الأخرى في حزن وأطال النظر إلى الببغاء وريشه الملون الجميل وإلى طائر الهدهد الجميل الشكل ولفت انتباهه صوت طائر الكروان العذب ، فأخذ يستمع إليه باعجاب . سألته أمه عن سبب حزنه قال لها كنت أتمنى أن يكون شكلي جميل كالهدد أو ريشي ملون كالببغاوات وأن يكون صوتى عذباً كأصوات العصافير وطيور الكروان ، لكن نحن الغربان شكلنا ليس جميلاً وأصواتنا تزعج الطيور والحيوانات في الغابة والبشر يكرهوننا ويتضايقون حين يروننا أو يسمعون أصواتنا ، ردت الأم : ألا تعلم أن الله لم يخلقنا جميعا متشابهين لأن لكل مخلوق منا له مميزات تخصه وحده وله دور يختلف عن الآخر ؟ تسائل الغراب الصغير : كيف ذلك يا أمي وما الذي يميزنا نحن الغربان ؟ قالت الأم نحن أذكى الطيور على الإطلاق وأيضاً طيور حكيمة ومحبة لعائلتها ومتعاونة ومخلصة للغاية ، ونحن طيور مفيدة تتغذى على الآفات الضارة والحشرات ولسنا طيور جارحة تأكل غيرها ) .
وبذلك نجد الأفكار في القصص جيدة تهتم بأمورهامة ، تهدف إلى تربية الطفل فضلاً عن إثارة انتباهه .
تعالوا معنا ننظر إلى المجموعة من حيث الحدث
- فقد صممت الكاتبة الحدث بطريقة فنية محبوكة ، فالقصص مؤثرة وممتعة ومشوقة للأطفال ، فابتعدت الكاتبة عن الأحداث الفرعية الطويلة التي قد تصيب الطفل بالملل والتشتت .
أما سرد القصة وأسلوبها وشخصيتها :
- فنقلت الكاتبة أحداث القصص من صورة ذهنية إلى صورة لغوية باستخدام قاموس لغوي مناسب ، كما جاء أسلوب القصة في صورة مبسطة نستطيع من خلالها توصيل الفكرة للطفل ، وكذلك شخصيات القصة اختارتها الكاتبة بعناية ، فالشخصيات واضحة ومحددة يستطيع الطفل أن يزكر أثناء قراءته أو سماعه للقصة .
عنصري الزمان والمكان :
- نجحت الكاتبة في توظيفهم لعنصري الزمان والمكان ، فاختارت المكان مثلاً مناسباً للطفل فجاءت الأحداث في أمكنة محببة للطفل مثل الغابة في قصة “الغراب يرد الجميل” والمزرعة في قصة “البطة تيتي” والمنزل في قصة “عقلة الاصبع والجراثيم” .
ولكن لدي بعض التحفظات على بعض القصص :
ولكننا نجد أن بعض القصص التي تضم فكرة الحوريات والأقزان والجنيات والعالم الغرائبي هو ما يناسب الطفل من 5 : 8 سنوات فهي عند الأدباء نسمى مرحلة الخيال المطلق ، فقد استخدمت الكاتبة هذه الفكرة في غير موضع ، نجحت في إحداها وهي في قصة ” عقلة الأصبع والجراثيم ” ، ولكنها تناولتها في إثنين من القصص الأخرى قصة ” الأم الحزينة ” وقصة ” عروس البحر والصياد ” تناولتها بشكل غير ملائم للطفل في هذه المرحلة .
- وأيضاً في عرض قصة “نمله ونحله” كيف يساعد النمل والنحل بعضهما البعض ومعروف علمياً أنهم أعداء .
- كما أن اختيار نشاط التلوين بعد كل قصة لا يتناسب مع المرحلة العمرية من سن 7 : 12 سنه ، فلو أردنا تبديل النشاط لاخترنا مثلاً تلخيص القصة في ثلاثة أسطر أو ترك نهاية بعض القصص مفتوحة يكملها الطفل وخاصة أن الطفل بعد سن السابعة يطرأ عليه حب التخيل .