بقلم/ د. علي خليفة
تعد الطفلة حنان في مسرحية حنان في بحر المرجان مثالا يحتذى للشخص النبيل الذي يقاوم الشر مهما كانت إغراءاته وتهديداته، ويثبت على الفضيلة، وما أحرانا أن نرى نماذج كثيرة شبيهة لحنان في هذه المسرحية في القصص والمسرحيات الموجهة للطفل؛ حتى يقتدي بها أبناؤنا الصغار، فيلتزموا بالفضيلة، ويتجنبوا طريق الشر مهما تكن الإغراءات فيه مثيرة وجاذبة للسير فيه.
ونرى حنان في بداية هذه المسرحية تعيش بين والديها الفقيرين في كوخ بسيط، ولكنها رغم ذلك تتمتع بالشعور بالسعادة الغامرة للدفء الأسري الذي يشعرها به والداها، ولقربها من أصدقائها، وهم أربع حيوانات؛ قرد وأرنب وسنجاب وببغاء.
وحين يمرض والد حنان الصياد الفقير تضطر حنان أن تحل محله في القيام بصيد السمك، وكان والدها قد علمها صيد السمك حين اصطحبها معه بعض المرات عند خروجه لصيد السمك في البحر.
وتذهب حنان لشاطئ البحر مصطحبة شبكتها وأصدقاءها الأربعة من الحيوانات، وعندما رمت حنان شبكتها للصيد في مياه البحر لم تصد شيئا لوقت طويل، فتركها أصدقاؤها من الحيوانات وحدها، وذهبوا ليلعبوا.
وأتت امرأة عجوز لحنان، وطلبت إليها أن تحتفظ بعقد ثمين لها عندها حتى تذهب لقضاء حاجة لها، ووافقت حنان على طلبها.
وتخرج لحنان من البحر جنية شريرة، وتتنكر في هيئة حورية، وترى حنان نائمة على شاطئ البحر، فتحاول سرقة ذلك العقد منها، ولكنها لم تستطع ذلك لتنبيه بعض الأطفال في صالة المسرح لحنان لتستيقظ، فتقوم حنان من نومها، وتنخدع بهيئة تلك الجنية، فتظنها حورية، وتطلب هذه الجنية إلى حنان أن تعطيها العقد الذي معها وفي مقابل ذلك ستعطيها كل ما تتمناه، ولكن حنان ترفض إغراءات تلك الجنية لحرصها على الحفاظ على الأمانة وإعادتها لصاحبتها.
وحين تفشل تلك الجنية في أخذ ذلك العقد من حنان تغريها بالنزول معها لأعماق بحر الشمال لمقابلة الحوريات وملكهن فيها؛ فتحظى بمشاهدة ما لا يخطر على عقلها، وتوافقها حنان على ذلك، وتغوص معها في أعماق بحر الشمال.
وتفاجأ حنان في أعماق بحر الشمال بأن من تراه فيه هم الأخطبوط ملك بحر الشمال الشرير، وأتباعه من الجنيات الشريرات، كما تكتشف أن هذه التي ظهرت لها في هيئة حورية هي جنية أيضا.
ويطلب الأخطبوط الشرير ملك بحر الشمال إلى حنان أن تخون الأمانة؛ حتى لا تكون فاضلة؛ وتصبح من أتباعه من الأشرار والسيئين، ولكنها ترفض تنفيذ طلبه، ولا تستجيب له حتى بعد تهديده لها بأشد العقاب، ويشوه هذا الأخطبوط وجهها، فتصبح قبيحة.
ويرى المهرج سمكة البهلوان حنان بداخل شبكتها شبه فاقدة للوعي، فيخرجها من أعماق البحر للشاطئ، وعند الشاطئ يظهر أصدقاؤها من الحيوانات وهم يبحثون عنها مع والدها، ويفاجئون بها في هذه الحالة السيئة.
وتأتي المرأة العجوز، وتعرف من حنان ما حدث لها بسبب حرصها على الحفاظ على عقدها، وتمسكها بالفضيلة، فتنادي على حوريات البحر، فيخرج بعضهن من البحر، وحين يعرفن ما حدث لحنان من الإخطبوط الشرير من تشويه وجهها يتمكن من إعادته لطبيعته، وعند ذلك تعيد حنان لهذه المرأة العجوز عقدها.
ويفاجأ هؤلاء الحوريات بأن السمكة الكبيرة التي خرجت مع حنان في الشبكة يوجد في فمها المفتاح الذي أغلق به الإخطبوط الشرير السجن الذي حبس فيه الحوريات الطيبات، فيكافئن حنان بإعطائها لآلئ ومرجانا؛ لأنهن سيتمكن بهذا المفتاح من فتح السجن الذي حبس فيه الإخطبوط الشرير كثيرا من الحوريات فيه، وكن هن أيضا وملكهن الطيب محبوسين فيه، ولكنهم هربوا منه.
وهكذا نرى من تتبعنا لأحداث هذه المسرحية أن حنان ظلت ثابتة على الفضيلة ممثلة في حفظها على الأمانة التي اؤتمنت عليها، ولم تفرط فيها رغم التحديات والمخاطر التي واجهتها، ورغم العقاب الشديد الذي وقع عليها بسبب ذلك، وهو تشويه وجهها، وقد كوفئت في نهاية المسرحية على مقاومتها للشر وثباتها على الفضيلة بعودة وجهها الجميل إليها، ونيلها كثيرا من اللآلئ والمرجان.



