مسرحية هيا نلون للشاعرة والكاتبة المصرية حنان عبد القادر

سبتمبر 24, 2025

بقلم د. علي خليفة

صاغت الشاعرة والكاتبة المصرية حنان عبد القادر هذه المسرحية شعرًا، وكلها على بحر المتدارك، وهو من أنسب البحور الشعرية لكتابة المسرح الشعري، لا سيما للأطفال؛ لكثرة حركاته، ولسهولة التصرف في تفعيلته “فاعلن”.

ولم تكتف حنان عبد القادر في هذه المسرحية بأن تجعل حوار الشخصيات فيها شعرًا، ولكنها أيضًا صاغت بعض الإرشادات المسرحية فيها شعرًا من بحر المتدارك أيضًا، كقولها في أحد إرشادات المسرحية: “هَجَمتْ رند .. دَافعَ أدهم .. يَهجِمُ أدهم .. تَعِبتْ رند .. مَالتْ، سَقَطتْ، يَهجِمُ أكثر، يَطعنُ صدرًا”.

وكان من الأفضل أن تُكتب الإرشادات المسرحية كلها نثرًا، لا أن يكتب بعضُها نثرًا وبعضُها شعرًا، دون وجود مبرر لكتابة ذلك البعض منها شعرًا، كما أن كتابة هذه الإرشادات نثرًا يميز بين حوار المسرحية الشعري، وتلك الإرشادات المسرحية التي لا يلفظ بها شخصيات المسرحية عند عرضها.

والقيمة الأخلاقية التي ترغب المؤلفة في إيصالها من هذه المسرحية هي أن أفلام الحرب والقتل والتدمير التي يشاهدها الأطفال على قنوات الأطفال لها مساحة واسعة فيها، ولها تأثير سلبي على الأطفال الذين يتلقونها، ومن ذلك أنها تجعلهم يندمجون فيها، ويتفاعلون معها، وتزيد من رغبتهم في لعب ألعاب تعبر عن الحرب والتدمير، سواء أكان ذلك من خلال ألعاب الفيديو جيم والتليفون والنت أو من خلال ممارسة لعبة الحرب بالألعاب القتالية التي تصنع ليلعب بها الأطفال.

وترى المؤلفة في هذه المسرحية أن هذه الأفلام والألعاب المعبرة عن الحروب والصراع والتدمير تزيد من الميول العدوانية لدى الأطفال، وترى أنه من الأفضل أن يتم استبدالها بألعاب أخرى تدعو للسلام والحب والاستمتاع بكل ما في الحياة من جمال.

وتنزعج الأم في هذه المسرحية حين ترى ابنها أدهم قد تأثر بمشاهدة أحد أفلام الكرتون التي تصور حربًا من الحروب، وزاد ميله للجانب العدواني بعد هذه المشاهدة لذلك الفيلم، فحث أخته على أن تلعب معه بسيفين بلستيكيين مما يلعب بهما الأطفال، وكان خلال لعب معها عنيفًا، وكاد يؤذيها.

واستغاثت الطفلة رند بأمها من شدة عنف أخيها أدهم معها خلال لعبه معها ورغبته في عدم توقف ذلك اللعب رغم أنها لم تعد ترغب في استكماله.

وتدرك هذه الأم أن مشاهدة ابنها للأفلام الكرتونية التي تبالغ في تصوير مشاهد العنف قد جعلته يميل للألعاب العنيفة، وكاد يؤذي أخته خلال لعبه معها لعبة من تلك الألعاب العنيفة، فأرادت أن تغير توجهه، وتجعله يميل للسلام والموادعة، فجعلته يشترك معها ومع أخته رند في اللعب بالألوان والحروف الهجائية، واستخدمت مفردات كلمة حرب؛ لتخرج منها بعد إعادة ترتيب حروفها وحذف حرف منها كلمات أخرى توحي بالسلام والود والموادعة، وتوحي بألوان أخرى غير لون الدم الأحمر ولون الغبار الأسود اللذين يريان في الحروب.

فشكلت الأم بهذه الحروف على السبورة كلمات أخرى لها معان حسنة، ومنها “رحب؛ أي واسع، وهي كلمة توحي بالاتساع كاتساع السماء الزرقاء، والبحر الأزرق، والرمال الصفراء، وكلمة بحر التي توحي بالعمق ويلوح منه لونه الأزرق، وكلمة ربح التي توحي بالمكسب، وكلمة بر وكلمة حب اللتين توحيان بالود والعطاء، ويمكن أن يشار لهما باللون الأخضر لون العطاء.

ولا شك أن فكرة هذه المسرحية جيدة، والقيمة التي تدعو لها نبيلة جدًا، ولكن ممارسة اللعب بها جاء على حساب البناء الدرامي المثير فيها، فليس في هذه المسرحية حدث مثير، ولا يوجد فيها صراع صاعد مشوق يتابعه الأطفال المتلقون لهذه المسرحية بشغف كبير؛ ليعرفوا كيف ستكون نتيجته.

وتعد هذه المسرحية بهذ الشكل من المسرحيات التي مزجت بين اللعب والدراما كبعض مسرحيات أحمد توفيق، كمسرحية الغولة والحداد، ومسرحية مملكة الدجاج، وأيضًا كمسرحية عرايس قماش لمجدي مرعي، ولكن حنان عبد القادر لم تحسن المزج في مسرحية “هيا نلون” بين اللعب والدرما، كما ذكرت هذا من قبل.

ومما يؤخذ على هذه المسرحية أيضًا أننا نرى فيها بعض المفردات والعبارات بعيدة عن قاموس الطفل في مرحلة الطفولة المتوسطة، وهي المرحلة التي تتوجه إليها هذه المسرحية، ومن تلك الألفاظ التي تعد غريبة على الأطفال في هذه المرحلة تلك الألفاظ “كشر عن أنيابه، سألقنك، ركضت”.

وأخيرًا، فإنني أرى أن عنوان هذه المسرحية – وهو هيا نلون – غير مناسب لها، وكان الأولى – في رأيي – أن يكون عنوانها “لعبة الحروف والألوان”، فهذا العنوان الأخير معبر بصورة أكبر عن مضمون هذه المسرحية.