سهى وزهرة عباد الشمس
مجموعة قصصية
للأديب الأستاذ جلال الصياد
بقلم: د/ حنان إسماعيل
سهى وزهرة عباد الشمس مجموعة قصصية للأطفال من 9-12 سنة، وقد جاءت في 47 صفحة، احتوت 12 قصة قصيرة تناولت بعض الزهور كما شملت الثدييات البحرية وبعض حيوانات وطيور المزرعة، ثم تدرج إلى استنطاق الجمادات مثل عمود النور والطائرة وعلاقة الطفل بالحيوانات.
كما دار حوار شيق بين أعضاء الجسم المختلفة.
بادئ ذي بدء فقد أحسن الكاتب اختيار عنوان المجموعة وهو سهي وزهرة عباد الشمس، والمعنى لمعجمي لكلمة سهى كما جاء في لسان العرب هو كوكب صغير أو قمر. وهي صفة محببة إلى البنات في مثل تلك السن.
أما زهرة عباد الشمس فهي زهرة تعشق ضوء الشمس تتجه بكامل جسمها ناحيته منذ شروق الشمس وحتى غروبها.
وقد أصاب الكاتب حين حدد الفئة العمرية للمجموعة القصصية من سن 9-12 سنة؛ ففي هذه السن نجد الطفل قد أجاد القراءة والكتابة ودرس موضوعات كثيرة عن الطبيعة والحيوانات في مادة العلوم.
وبالنسبة لصورة الغلاف تبدو جليا صورة بنت جميلة وصورة شجرة وفي أقصى الشمال الغربي من الصورة تظهر زهرة عباد الشمس.
راق لي في هذه المجموعة عددا من القصص هي:
سهى وزهرة عباد الشمس
بدأت القصة بوصف أحاسيس زهرة عباد الشمس، والتي تألمت بشدة بسبب تلك السحابة التي حالت دون توديعها لقرص الشمس حال أفوله واتجاهه نحو المغيب فهي مضطرة آسفة لغلق أوراقها وأن تخلد إلى النوم.
لكن كيف لها أن تنام دون أن تودع صديقتها سهى التي ترعاها فهي تسقيها وتمسح عنها التراب، أيضا فهي تغني لها كل يوم، وتروي لها ما مر عليها من أحداث طوال اليوم. لكنها رغم قلقها عليها، وعندما طال انتظارها وعدم مجيئها استسلمت للنوم.
وفي صباح اليوم التالي سمعت من والدة سها أنها ذهبت مع جدها في رحلة إلى جزيرة سليمان.
فحزنت كثيرا لسفرها وبعدها عنها وأنها لن تراها ربما لعدة أيام. تكاسلت الزهرة عن تفتيح أوراقها، فعاتبتها الشمس قائلة أنه لا يصح أن تتوقف عن أداء عملها حتى تعود صديقتها، بل عليها أن تمارس عملها بنشاط حتى لا يصيبها التلف.
أطاعت الزهرة معشوقتها الأولى الشمس، وعملت في دأبٍ ونشاط إلى أن عادت صديقتها؛ فسعدت كل منهما بالأخرى. لكنه في اليوم التالي مرضت سهى فحزنت لها الزهرة وكان من الصعب عليها أن تقف مكتوفة األيدي؛ فعرضت على أخيها أن يقدم بذورها كي تساعد سهى على الشفاء بجانب علاجات الطبيب. وشفيت سهى من مرضها الذي أصابها بسبب قرصة بعوضة أثناء رحلتها مع جدها. ورجعت إلى نشاطها مرة أخرى.
قدمت القصة مجموعة من القيم الجميلة والنبيلة منها قيمة العمل والصداقة الحقة التي لم تجعل الصديق يشد من أزر صديقه في المحن. كذلك قدمت بعض المعلومات العلمية مثل أن قرصة البعوض تسبب الملاريا، كذلك أن دورة حياة زهرة عباد الشمس مرتبطة بالشمس.
اللغة سهلة ومفرداتها مفهومة، وأرجو ألا يبخل رسامو الهيئة بالمزيد من الصور التوضيحية للطفل.
الديوك الثالثة
تدور القصة حول ثالثة من الديوك تهرب من العشة وتختفي خلف أجولة الغالف حتى الصباح، ويثير فضولهم أن الست أم أحمد صاحبة البيت تسحب معها الماعز والغنم والجاموسة والحمار إلى الحقل، فتزيد رغبتهم في معرفة السبب لذلك.
فيتخفون وراءها بهدف التجسس عليها؛ مما عرضهم لبعض الأخطار كمهاجمة الثعبان لهم، لكن الست أم أحمد تنقذهم في الوقت المناسب، وتصطحبهم معها إلى المنزل.
يبدو جليا التركيي على الجانب المعرفي في هذه المجموعة، فنجد أن الكاتب في هذه القصة يركز على تعريف الطفل بأنواع الديوك، الرومي والمالطي والشركسي.
كما ركز أيضا على قيمة الصداقة الحقيقية، إلى جانب الدور الذي تقوم به الغنم والماعز والجاموسة والحمار في الحقل. وركز الكاتب هنا على حيوانات المزرعة، وحظائر الطيور، والطعام الذي يتغذى عليه كل طائر والمفضل لديه، فهي القريبة إلى قلب طفل الريف والتي يراها يوميا في الغيط.
هناك نقطة ضعف في هذه القصة وهي عادة تتبع الأشخاص وهي عادة سيئة تعلم الطفل الفضول وهو ما لا يحمد عقباه.
نجد الديوك الثالثة الذين تسللوا من العشة وخرجوا في مراقبة تصرفات أم أحمد صاحبة العش، قد تعرضوا للخطر الفعلي من الثعبان ولم تنقذهم سوى أم أحمد صاحبة العشة التي هربوا منه فرجعوا أدراجهم معها إلى العشة.
الرسوم شحيحة وغير توضيحية بالمرة، فالصورة هي عمل مواز للنص يزيده وضوحا، وأدرك تماما أن الكاتب لا شأن له في ذلك لأنها مسئولية هيئة الكتاب.
صراع الأمواج والعمالقة الثالثة
ركز الكاتب هنا على تعريف الطفل بالحيوانات البحرية من خلال علاقة صداقة بين صغارها وهم الدولفين والقرش والحوت، يسبحون معا مع التيار حتى وصلوا إلى الشاطئ فوجدوا الأطفال يلعبون على الشاطئ لكنهم فزعوا فور رؤيتهم لهم وهربوا.
هناك خيط رفيع بين الجرأة والمخاطرة كان على الكاتب أن يوضحه للطفل، فعندما يرى الأمواج مرتفعة والرياح عاتية لا يجب عليه أن يسبح أو يترك نفسه للأمواج تفعل به ما تشاء.
أوضح الكاتب في هذه القصة أننا يجب أن نختار أصدقاءنا ممن يشبهوننا؛ فالحيوانات البحرية تصادق بعضها في أمان، بينما لا صداقة مع من يشكلون خطرا علينا فلا صداقة بين الإنسان والحوت أو القرش مثالاً.
عمود النور
من أهم قصص المجموعة من وجهة نظري، إذ ترصد للتغيرات الاجتماعية التي طرأت على الطفل نتيجة استخدام الإنترنت ودخول الألعاب الإلكترونية، تلك الألعاب التي تحتوي على نماذج وشخصيات ليست عربية ولا تقدم قيما تناسب بيئتنا، فنجدها تهدف إلى تدريب الطفل على العنف كذلك تعليمه السرقة والقتل، فتحول حال الطفولة من البراءة إلى الإجرام.
نرى في قصتنا هذه بطل القصة هو عمود النور في الشارع والذي يستمتع بحكايات الأطفال أسفله على الرصيف، يتمنى أن يشاركهم ضحكاتهم وقصصهم المسلية، يسعد حين يري بعينيه ملامح الشهامة والمروءة فيهم حين يتضافرون لإنقاذ صديقهم من أيدي اللص. وكيف حزن حزنا شديدا بتناقصهم وابتعادهم عن لعبهم الجماعي إلى تلك الألعاب الإلكترونية السيئة.
القصة رائعة حقا ولا ينقصها سوى رسوم توضيحية تشد الطفل وتجذبه لقراءة النص، حيث أن صورة عمود النور تقليدية جدا ولا تسير بمبدأ أنسنة الأشياء و لا تراعي أن القصة بأكملها جاءت على لسان عمود النور.
من فضلك خذ هذه الوردة
قصة تثير الهم والحزن، فهي تعبر عن المخاطر التي يجابهها طفل الشارع إثر نومه في الطريق العام على الرصيف أو حتى على دكة، فقد يعتدي عليه حيوان فيعضه، أويمزق ملابسه، بخالف حالة الهلع والفزع التي تسببه.
أيضا فقد يكون عرضة ولقمة سائغة لمن يلحقون بهم الضرر.
شعور لطيف من السيدة أن تعطيه وردة، لكن هذه الوردة لا تعنيه؛ فهو بحاجة إلى الطعام والشراب والكسوة، فنجده يرد الورد إلى صاحب الورد ليستبدله بالمال الذي يحتاجه بشدة ليسد رمقه.
وحين ترى السيدة العطوف ذلك بعينيها تبقي على الورد وبجانبه قدمت له الطعام ولبت احتياجاته الأخرى.
القصة ذات مغزى ومفهوم قوي يلفت انتباه أولي الأمر لحل هذه المشكلة، وأرى أن توجه للكبار، أيضا خلت هذه القصة من الرسوم.
طائرتي
يتجلى خيال الطفل في هذه القصة يربط بينها وبين الواقع؛ فالطفل يسرح بخياله في الفضاء متخيال أنه يمتلك طائرة يهرب بها من زحام الأرض وضوضائها والتلوث البيئي الذي يسبب الاختناق للطفل.
فيرى أنه يركب طائرته التي تسبح به بعيدا في فضاءات السماء، ويذهب بها إلى مدرسته.
وتعرض القصة لقضية أخرى غاية في الأهمية وهي حصص الألعاب والرسم والموسيقى في المدارس، والتي تم إهمالها أو استبدالها بحصص مواد دراسية تلقي المزيد من العبء على ذهن الطفل، بينما حصص الرسم والألعاب تساعد الطفل على اكتشاف وتنمية مواهبه.
نفس الحال مع حصص الأنشطة والتي تعلم الطفل وتدربه على بعض الصناعات والحرف اليدوية والتي تعينه بالدرجة الأولى على إصالح ما يفسد من أجهزة داخل بيته دون أن يحتاج لأحد.
القصة معبرة جدا عن هدفها، لكن الرسام عجز عن توصيل الفكرة بالرسم أو بخل دون ذلك.
البنكرياس المشاكس
من القصص الجميلة في المجموعة، تأتي على شكل حوار بين أعضاء جسم الإنسان، يركز على أن كفاءة عمل الجسم تعتمد على التعاون والتضافر بين أعضائه، أيضا تطرق لأهمية أدب الحوار والإنصات إلى الغير.
أيضا أهمية تضافر الجهود من أجل إنقاذ عم صالح إمام المسجد.
هناك معلومة طبية يقدمها الكاتب على لسان الكبد وهو أن مرض السكر ينتج عن نقص إفراز الأنسولين من البنكرياس.
لكن الكاتب ذكر أن كل من البنكرياس والكبد والثانى عشر مسئولين عن الإصابة، لكنه لم يوضح للطفل دور الكبد والاثنى عشر.
هناك قصور واضح في دور الرسام في هذه المجموعة.
جميزة الشيخ سالم
جاءت القصة على لسان الطفل أحمد الذي سافر مع والده إلى القرية، وعندما ركبا السيارة أحزنه كثيرا تقطيع الأشجار وتجريفها، تلك الأشجار التي تغمر الطريق بظلالها وتحجب حرارة الشمس والمطر الغزير والأتربة، ومن فرط حزنه عليها شعر أنها مذبحة للأشجار وكاد يبكي عليها. لكن بسمته رجعت إليه حين توجه إلى شجرة الجميز فوجدها لأنها تحمل له ذكريات كثيرة.
أفكار جيدة ومتميزة تغذي خيال الطفل ومداركه وتشبعه بالمعلومات في مجالات مختلفة. بكل التوفيق للكاتب الأستاذ جلال الصياد ومزيدا من الإبداعات.
