أدب الأطفال بين المعاصرة والقيم المجتمعية
بقلم: سيد شحاتة
مما لاشك فيه أن أدب الطفل كان له أثر كبير فى تشكيل وعي ووجدان كثير من الأجيال معتمداً على التراث ومداعباً الخيال الجامح لدى الأطفال وقد نجح في العصور السابقة مستنداً على الوسائط السمعية ” الإذاعة ” والوسائط البصرية ” السينما والتليفزيون” إضافة لتطور آليات الطباعة والنشر وتنوعها ما بين الكتب بأحجامها المختلفة والمتعددة وكفاءة التصوير كمساعد للأدب المكتوب فى بلوغ ذروة الخيال ولكن أدب الطفل ليس من السهولة بمكان لاختلاف المرسل والمتلقي فالمرسل كبير يريد فرض رأيه من خلال إبداعه المقدم ليضمن استقرار المجتمع في الحاضر وفي المستقبل القريب والمتلقي ” الطفل” نوعان إما متقبل ومنفتح على القيم المجتمعية حوله وإما رافض ومتمرد وكلاهما لا يستقبل بسهولة لتداخل عناصر كثيرة في تكوين رأيه من حيث القبول والرفض وقد حدث هذا مع مجلات الأطفال ” سمير ” و ” ميكي “
والشخصيات الأسطورية ” سندباد ” ” وجحا ” و ” الشاطر حسن ” و ” سندريلا ” إضافة إلى استخدام الفانتازيا في تركيبة الحيوانات وتعاملها ،كل هذا مر بعدة مراحل من الانتشار والتمركز في ذهن الأطفال وعقلهم الجمعي لسنوات طوال ولكن افتقر إلى وجود دراسات نقدية لتلك الإبداعات مما أبطأ تطورها ومحاولة إدخال أدب الطفل إلى مرحلة العرض والطلب وهو ما يتعارض مع الهدف الإبداعي لأدب الطفل وهو التفاعل والتأثير والبناء وليس مجرد العرض فقط وقد حدثت بعض الطفرات في أدب الأطفال مؤخراً مثل سلسلة ” هاري بوتر ” بمساعدة السينما كوسيط بصري شجع على القراءة وهذا ما أشار إليه أستاذ أدب الأطفال بكلية الآداب بجامعة نيوكاسل الإنجليزية ” كمبرلي رينولدز” والذي ركز فى كتبه على ” أن التمييز بين الصواب والخطأ في المواقف المختلفة يلمس موضوعاً مألوفاً طالما انشغلت به مرحلة الطفولة وهذا ما اعتمد عليه الكاتب المصري الكبير ” يعقوب الشاروني ” في كتاباته المتعددة للأطفال من خلال المزج بين الخيال والتراث والحكي التاريخي مستخدماً كل عناصر البيئة المحيطة من حيوانات ونباتات وأنماط إنسانية مختلفة من البشر وقد نجح نجاحاً مبهراً سابقاً إلا أنه في حفل تكريمه بمناسبة مرور ستين عاماً على إبداعه عاب على بعض الكتاب المعاصرين في أدب الطفل انفصالهم عن مجتمعهم فيما يتناولونه من موضوعات أو طرح قضايا حاصة بالطفل وأضاف أن كاتب أدب الطفل لابد أن يعيش عصره ويتعايش معه بكافة تطوراتها “
وبنظرة موضوعية لحديث المبدع يعقوب الشاروني تتضح الصورة تماما فكيف فى عصر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والتقدم التكنولوجى الرهيب أصبح العديد من الأشخاص يقدمون محتوى لجميع الأفراد وفي مقدمتهم الأطفال وهنا تكمن الخطورة لأن هدف هؤلاء الأشخاص هو المكسب المادي بغض النظر عن أية قيمة أخرى فإن لم ينتبه مبدعوا أدب الطفل لذلك فسينقرض ذلك النوع تماماً ونترك أطفالنا لقمة سائغة في أفواه الطامعين والفاسدين ودخول أفكار غريبة ومدمرة لمجتمعاتنا .
إن أدب الطفل بدأ من القصص الشعبية والخيالية والخرافات والأساطير والمواويل القصصية وأغاني الأطفال التى يرجع الكثير منها لعصور ما قبل الكتابة ووصولاً إلى طرق التجسيد في عصر النقل الحرفي الذي نعيشه ونظراً لأن أدب الأطفال هو إحدى الطرق المبتكرة التي يواجه بها صغارنا القصص فإنه يلعب دوراً مؤثراً في كيفية تشكيل تفكيرنا في العالم وفهمنا له .