

بقلم دكتور/ علي خليفة
1(عالم الحواديت وشخصياته وعرائسه مثيرٌ ومحببٌ للأطفال، وما أكثر القصص والمسرحيات التي استلهمها كُتاب أدب الطفل من هذا العالم العجيب، وأحيانًا يكتفي بعضُ كُتاب أدب الطفل بتصوير هذا العالم كما كان بالصورة التي وصلت إلينا، وأحيانًا يمزج بعض كتاب أدب الطفل في كتاباتهم للطفل بين عالم الحواديت وشخصياته وعرائسه وعالمنا المعاصر بما استجد فيه من مخترعات وتطور تكنولوجي كبير. ونرى في مسرحية مخزن العرائس لعزة دياب مزجًا بين عالم العرائس بشخصياته وعرائسه التراثية وبين الواقع المعاصر وما استجد فيه من اختراعات حديثة، كالهاتف المحمول، واللاب توب، وصرافة النقود، وتشكل هذه المخترعات الحديثة عرائس حديثة في هذه المسرحية. وتظهر بعض شخصيات الحواديت القديمة في هذه المسرحية على هيئة عرائس، ومنها علي بابا وكهرمانة وخادم المصباح؛ وهو الجني، وقد سمته المؤلفة في هذه المسرحية باسم خادم المصباح؛ حتى لا يشعر الأطفال الذين يتلقون هذه المسرحية بالخوف منه لو صرح باسمه المعروف عنه. ويرفض علي بابا وخادم المصباح في بداية هذه المسرحية أن يكون لهما دوران ثانويان في المسرحية التي يستعد أحد مسارح الأطفال لتقديمها، ويشعران بالغيرة من تلك العرائس الحديثة التي تستأثر بأدوار البطولة فيها، وهي الهاتف المحمول، واللاب توب، وماكينة الصرف الآلي. ويقرر علي بابا وخادم المصباح الهرب من مخزن العرائس الذي يقيمان فيه في أحد مسارح الأطفال تمردًا على تقزم دور كل واحد منهما في تلك المسرحية الجديدة التي تجري بروفاتها في هذا المسرح، ويذهب علي بابا وخادم المصباح، كل واحد منهما في طريق مخالف عن الآخر، ولا ندري لماذا فعلا هذا رغم أنهما صديقان، وتجمعهما الرغبة في التمرد على وضعهما في هذا المسرح! ويصل علي بابا لمخزن به كتب وكراسات في إحدى المدارس، ويظن في البداية أنه مغارته الحبيبة التي يبحث عنها؛ ليعثر على أعظم الكنوز بها، ولكنه يفاجأ بأن هذا المكان ليس سوى مخزن كتب، ويرى في هذا المخزن طفلة صغيرة تاهت عن أخيها، فيحتضنها، ويُسَر حين يعرف أن أمها تناديها بسمسم؛ لأن هذه الكلمة هي كلمة السر لفتح مغارته التراثية. وتشعر سمسم بدخول لصين لهذا المخزن، فتدخل داخل عروسة علي بابا، وتختفي بداخلها، ويسرق هذان اللصان عروسة علي بابا، ويخرجان بها من هذا المكان، ويستطيع علي بابا أن يهرب منهما بعد ذلك. وفي الوقت نفسه يلتقي الطفل علاء الدين أخو سمسم بخادم المصباح في شارع بجوار مسرح الطفل الذي يعمل به علي بابا وخادم المصباح، ويتقرب كُلُ واحد منهما من الآخر، ويصبحان صديقين. وتتطور الأحداث في هذه المسرحية، فيقبض بعض عمال المسرح على هذين اللصين وهما يحاولان سرقة سمسم، ويستطيع هذان اللصان الفرار بعد ذلك، ثم يقبض عليهما مرة أخرى في نهاية هذه المسرحية حين حاولا سرقة عروسة ماكينة الصرف الآلي، ويكون لعلي بابا وخادم المصباح دور مهم في إلقاء القبض عليهما. وتنتهي المسرحية بشعور علي بابا بالألفة مع العرائس الحديثة بعد أن عرف طريقة استخدامها والفوائد الكثيرة التي تعود من وراء ذلك. وتتهيأ كل العرائس – القديمة والجديدة – مع نهاية هذه المسرحية لتقديم عرض مسرحي مُبهر للأطفال، وتشعر كُلُ العرائس بالرضا الشديد في النهاية. (
2( ومن الواضح أن هذه المسرحية تطرح فكرة الصراع بين الحديث والقديم، كما هو الشأن في بعض مسرحيات الطفل، كمسرحية ثورة الألوان ومسرحية القلم المغرور لعبده الزراع، والرسالة التي تحملها هذه المسرحية هي نفس الرسالة التي نجدها في المسرحيتين السابقتين لعبده الزراع، وهي أنه لا يجب أن يكون هناك صدامٌ بين الجديد والقديم، فكلاهما مهم، فالقديم يمثل التراث الذي نعتز به، وتمتد إليه جذورنا، ونستقي منه الأفكار والعِبر، والجديد هو التطور الحديث بما يحمله من تكنولوجيا متطورة لا يمكننا الاستغناء عنها.)
٣) وأعتقد أن هذه المسرحية ستكون مثيرة عند عرضها، لا سيما أن فيها أحداثًا مثيرة، وعناصر فرجة واضحة، ومنها توظيف عرائس الحواديت القديمة والحديثة، وتداخل التمثيل من الممثلين في المسرحية مع جمهور الأطفال المُتلقي لها، والكوميديا التي تبث في بعض مواقف منها، كما أننا نرى فيها تمثيلًا داخل تمثيل من خلال تمثيل علي بابا وبعض العرائس الأخرى لمواقف من المسرحية التي يستعدون لتقديمها، كما أننا نرى علي بابا يرتجل بعض المواقف في المسرحية الداخلية بهذه المسرحية، وكل هذا له أثر كبير في إضفاء فرجة كبيرة بهذه المسرحية، وتظهر بشكل أوضح عند تقديمها على خشبة المسرح.)
٤) وأعتقد أن عنوان هذه المسرحية ربما كان غير مناسب لها، فكلمة مخزن توحي بالمكان المغلق الذي نجمع فيه الأشياء غير المستعملة أو التي يقل اهتمامُنا بها، وقد كان للعرائس في هذه المسرحية – سواء أكانت قديمة أم حديثة – أدوار مهمة في هذه المسرحية، وكانت فاعلة جدًا، حتى إنها قد أفادت كثيرًا من الأطفال المشاركين فيها؛ ولهذا كان الأنسب لهذه المسرحية أن يكون عنوانها تمرد العرائس، أو علي بابا في مسرح العرائس، أو أي عنوان آخر يمكن أن يكون معبرًا عن مضمون هذه المسرحية، ولا يعبر عنها بشكل سلبي، كالعنوان الذي أُطلق على هذه المسرحية.)
٥) وأرى أيضًا أن من الملاحظات السلبية القلية على هذه المسرحية عدم التوازن في مساحة فصولها، فالفصل الثالث منها طويل جدًا، حتى إن مساحته تعادل مساحة الفصلين الأول والثاني منها. وعلى الرغم من هذه الملاحظات القليلة السلبية على هذه المسرحية فإنها مسرحية جيدة، وتستحق العرض على مسارح الأطفال؛ وسيجد الأطفال الذين يشاهدونها على خشبة المسرح متعةً كبيرة في تلقيهم لها، لا سيما لو تمَّ إخراجُها بشكل جيد يناسب جودة نصها.